الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ}، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ بِيَاءٍ بَعْدَ هَمْزٍ لِإِيلَافِ وَإيلَافِهِمْ، سِوَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَإِنَّهُ وَافَقَ غَيْرَهُ فِي قَوْلِهِ {لِإِيلَافِ} فَقَرَأَهُ بِيَاءٍ بَعْدَ هَمْزَةٍ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ {إِيلَافِهِمْ} فَرُوِيَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ: "إلْفِهِم" عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ أَلْفٍ يَأْلَفُ إِلْفًا، بِغَيْرِ يَاءٍ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ: "إلافِهِم" بِغَيْرِ يَاءٍ مَقْصُورَةِ الْأَلْفِ. وَالصَّوَابُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي: مَنْ قَرَأَهُ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} بِإِثْبَات الْيَاء فِيهِمَا بَعْدَ الْهَمْزَةِ، مَنْ آلَفَتِ الشَّيْءُ أُولِفُهُ إِيلَافًا، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَلِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ: آلَفَتْ، وَأَلَّفَتْ؛ فَمَنْ قَالَ: آلَفَتْ بِمَدِّ الْأَلِفِ قَالَ: فَأَنَا أُؤالِفُ إِيلَافًا؛ وَمَنْ قَالَ: أَلِفَتْ بِقَصْر الْأَلِفِ قَالَ: فَأَنَا آلَفُ إِلْفًا، وَهُوَ رَجُلٌ آلَفُ إِلْفًا. وَحُكِيَ عَنْ عِكْرِمَةََ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ: " لِتَأْلُّفِ قُرَيْشٍ إِلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ". حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَكِينٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، مَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، «عَنْأَسْمَاءِ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ: " إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ "». وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْمَعْنَى الْجَالِبِ هَذِهِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، فَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّيِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: الْجَالِبُ لَهَا قَوْلُهُ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} فَهِيَ فِي قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ صِلَةٌ لِقَوْلِهِ جَعَلَهُمْ، فَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَفَعَلْنَا بِأَصْحَابِ الْفِيلِ هَذَا الْفِعْلَ، نِعْمَةً مِنَّا عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، وَإِحْسَانًا مِنَّا إِلَيْهِمْ، إِلَى نِعْمَتِنَا عَلَيْهِمْ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَتَكُونُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ {لِإِيلَافِ} بِمَعْنَى إِلَى، كَأَنَّهُ قِيلَ: نِعْمَةٌ لِنِعْمَةٍ وَإِلَى نِعْمَةٍ؛ لِأَنَّ إِلَى مَوْضِعِ اللَّامِ، وَاللَّامُ مَوْضِعُ إِلَى. وَقَدْ قَالَ مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى: وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قَالَ: إِيلَافُهُمْ ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ رِحْلَةَ شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: ثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْراءِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: ثَنَا شَرِيكُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّيِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: قَدْ قِيلَ هَذَا الْقَوْلُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَجَّبَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اعْجَبْ يَا مُحَمَّدُ لِنِعَمِ اللَّهِ عَلَى قُرَيْشٍ، فِي إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. ثُمَّ قَالَ: فَلَا يَتَشَاغَلُوا بِذَلِكَ عَنْ الْإِيمَانِ وَاتِّبَاعِكَ، يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَ هَذَا الْبَيْتِ}. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يُوَجِّهُ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} إِلَى أُلْفَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} فَقَرَأَ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} إِلَى آخَرَ السُّورَةِ، قَالَ: هَذَا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، صَنَعْتُ هَذَا بِهِمْ لِأُلْفَةِ قُرَيْشٍ؛ لِئَلَّا أُفَرِّقُ أُلْفَتَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ، وَإِنَّمَا جَاءَ صَاحِبُ الْفِيلِ لِيَسْتَبِيدَ حَرِيَمهُمْ، فَصَنَعَ اللَّهُ ذَلِكَ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذِهِ اللَّامَ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ. وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: اعْجَبُوا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَتَرْكَهُمْ عِبَادَةِ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ، وَآمَنُهُمْ مِنْ خَوْفٍ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ، وَآمَنُهُمْ مِنْ خَوْفٍ. وَالْعَرَبُ إِذَا جَاءَتْ بِهَذِهِ اللَّامِ، فَأَدْخَلُوهَا فِي الْكَلَامِ لِلتَّعَجُّبِ اكْتَفَوْا بِهَا دَلِيلًا عَلَى التَّعَجُّبِ مِنْ إِظْهَارِ الْفِعْلِ الَّذِي يَجْلِبُهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: أغَـرَّكَ أَنْ قَـالُوا لِقُـرَّةَ شـاعِرًا *** فَيَالأَبـاهُ مِـنْ عَـرِيفٍ وَشَـاعِرِ فَاكْتَفَى بِاللَّامِ دَلِيلًا عَلَى التَّعَجُّبِ مِنْ إِظْهَارِ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ: أَغَرَّكَ أَنْ قَالُوا: اعْجَبُوا لِقُرَّة شَاعِرًا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِإِيلَافِ}. وَأُمًّا الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ، أَنَّهُ مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ "لِإِيلَاف" بَعْضِ "أَلَمْ تَر" وَأَنْ لَا تَكُونُ سُورَةً مُنْفَصِلَةً مَنْ "أَلَمْ تَر" وَفِي إِجْمَاعِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُمَا سُورَتَانِ تَامَّتَانِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى مَا يُبَيِّنُ عَنْ فَسَادِ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} لَمْ تَكُنْ "أَلَمْ تَر" تَامَّةً حَتَّى تُوصِلَ بِقَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِانْقِضَاءِ الْخَبَرِ الَّذِي ذُكِرَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِح، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} يَقُولُ: لُزُومُهُمْ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: نَهَاهُمْ عَنِ الرِّحْلَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، وَكَفَاهُمُ الْمُؤْنَةُ، وَكَانَتْ رِحْلَتَهُمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَاحَةً فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ، فَأَطْعَمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جُوعٍ، وَآمَنُهُمْ مِنْ خَوْفٍ، وَأَلِفُوا الرِّحْلَةَ، فَكَانُوا إِذَا شَاءُوا ارْتَحَلُوا، وَإِذَا شَاءُوا أَقَامُوا، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةََ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ قَدّ أَلِفُوا بِصَرَى وَالْيَمَنَ يَخْتَلِفُونَ إِلَى هَذِهِ فِي الشِّتَاءِ، وَإِلَى هَذِهِ فِي الصَّيْفِ {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا بِمَكَّةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} قَالَ: كَانُوا تُجَّارًا، فَعَلِمَ اللَّهُ حُبَّهُمْ لِلشَّامِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: عَادَةُ قُرَيْشٍ عَادَتُهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} كَانُوا أَلِفُوا الِارْتِحَالَ فِي الْقَيْظِ وَالشِّتَاءِ. وَقَوْلُهُ: {إِيلَافِهِمْ} مَخْفُوضَةٌ عَلَى الْإِبْدَالِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ لِإِيلَافِهِمْ، رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَأَمَّا الرِّحْلَةُ فَنُصِبَتْ بِقَوْلِهِ: {إِيلَافِهِمْ}، وَوُقُوعِهِ عَلَيْهَا. وَقَوْلُهُ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} يَقُولُ: رِحْلَةُ قُرَيْشٍ الرِّحْلَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا إِلَى الشَّامِ فِي الصَّيْفِ، وَالْأُخْرَى إِلَى الْيَمَنِ فِي الشِّتَاءِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ: الصَّيْفُ إِلَى الشَّامِ، وَالشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ فِي التِّجَارَةِ، إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ امْتَنَعَ الشَّامُ مِنْهُمْ لِمَكَانِ الْبَرْدِ، وَكَانَتْ رِحْلَتُهُمْ فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قَالَ: كَانُوا تُجَّارًا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، ثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ: رِحْلَةٌ فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ، وَرِحْلَةٌ فِي الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قَالَ: كَانُوا يَشْتُوَن بِمَكَّةَ، ويَصِيفُونَ بِالطَّائِفِ. وَقَوْلُهُ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} يَقُولُ: فَلْيُقِيمُوا بِمَوْضِعِهِمْ وَوَطَنِهِمْ مِنْ مَكَّةَ، وَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، يَعْنِي بِالْبَيْتِ: الْكَعْبَةُ. كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَلَّى الْمَغْرِبَ بِمَكَّةَ، فَقَرَأَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْبَيْتِ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} قَالَ: الْكَعْبَةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرُوا أَنْ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ مَكَّةَ كَإِلْفِهِمُ الرِّحْلَتَيْنِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الآمُلِيُّ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةََ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: أُمِرُوا أَنَّ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ، كَإِلْفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. وَقَوْلُهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} يَقُولُ: الَّذِي أَطْعَمَ قُرَيْشًا مِنْ جُوعٍ. كَمَا حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} يَعْنِي: قُرَيْشًا أَهْلَ مَكَّةَ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ}. {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ آمَنُهُمْ مِمَّا يَخَافُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ مِنْ الْغَارَاتِ وَالْحُرُوبِ وَالْقِتَالِ، وَالْأُمُورِ الَّتِي كَانَتْ الْعَرَبُ يَخَافُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٌّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} حَيْثُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: آمَنُهُمْ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ} قَالَ: كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ تُجَّارًا يَتَعَاورُونَ ذَلِكَ شِتَاءً وَصَيْفًا، آمِنِينَ فِي الْعَرَبِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَهُ مِنْ الْخَوْفِ، حَتَّى إِنَّ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيُصَابَ فِي حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَإِذَا قِيلَ حِرْمِيٌّ خُلِيَ عَنْهُ وَعَنْ مَالِهِ، تَعْظِيمًا لِذَلِكَ فِيمَا أَعْطَاهُمْ اللَّهُ مِنْ الْأَمْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ، فَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرُهمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ إِذَا خَرَجَ أُغَيرَ عَلَيْهِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: كَانَتْ الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَيَسْبِي بَعْضُهَا بَعْضًا، فَأَمِنُوا مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ الْحَرَمِ، وَقَرَأَ: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: وَآمَنُهُمْ مِنْ الْجُذَامِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا قَالَ: قَالَ الضَّحَّاكُ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: مِنْ خَوْفِهِمْ مِنْ الْجُذَامِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: مِنْ الْجُذَامِ وَغَيْرِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ، قَالَ: الْجُوعُ. {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} الْخَوْفُ: الْجُذَامُ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا عَامِرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَطَّابُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قَالَ: الْخَوْفُ: الْجُذَامُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ {آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وَالْعَدُوُّ مُخَوِّفٌ مِنْهُ، وَالْجُذَامُ مُخَوِّف مِنْهُ، وَلَمْ يُخَصِّصْ اللَّهُ الْخَبَرَ عَنْ أَنَّهُ آمَنُهُمْ مِنْ الْعَدُوِّ دُونَ الْجُذَامِ، وَلَا مِنْ الْجُذَامِ دُونَ الْعَدُوِّ، بَلْ عَمَّ الْخَبَرُ بِذَلِكَ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَعُمَّ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، فَيُقَالُ: آمَنُهُمْ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ قُرَيْشٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}. يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أَرَأَيْت يَا مُحَمَّدُ الَّذِي يُكَذِّبُ بِثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ، فَلَا يُطِيعُهُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} قَالَ: الَّذِي يُكَذِّبُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ {يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} قَالَ: بِالْحِسَابِ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ الدِّين" فَالْبَاءُ فِي قِرَاءَتِهِ صِلَةُ دُخُولهَا فِي الْكَلَامِ وَخُرُوجهَا وَاحِدٌ. وَقَوْلُهُ: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} يَقُولُ: فَهَذَا الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ، هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْيَتِيمَ عَنْ حَقِّهِ، وَيَظْلِمُهُ. يُقَالُ مِنْهُ: دَعَعْتُ فُلَانًا عَنْ حَقِّهِ، فَأَنَا أَدَعُهُ دعًّا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قَالَ: يَدْفَعُ حَقَّ الْيَتِيمِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قَالَ: يَدْفَعُ الْيَتِيمَ فَلَا يُطْعِمُهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} أَيْ: يَقْهَرُهُ وَيَظْلِمُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قَالَ: يَقْهَرُهُ وَيَظْلِمُهُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قَالَ: يَقْهَرُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ فِي قَوْلِهِ: {يَدُعُّ الْيَتِيمَ} قَالَ: يَدْفَعُهُ. وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَحُثُّ غَيْرَهُ عَلَى إِطْعَامِ الْمُحْتَاجِ مِنْ الطَّعَامِ. وَقَوْلُهُ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ جَهَنَّمَ لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُصْلُّونَ، لَا يُرِيدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِصَلَاتِهِمْ، وَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ إِذَا صَلَّوْهَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَعْنَى قَوْلِهِ: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا، فَلَا يُصَلُّونَهَا إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا سَكَنُ بْنُ نَافِعٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَلْتُ لِأَبِي، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: أَهِيَ تَرْكُهَا؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، قَالَ: ثَنَا عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعْدٍ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: أَهْوَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ أَحَدُنَا نَفْسَهُ فِي صِلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّ السَّهْوَ أَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنْ وَقْتِهَا. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: السَّهْوُ: التَّرْكُ عَنْ الْوَقْتِ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ تَمَام الْبَنَانِيِّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو جَمْرَةَ الضُّبْعِيُّ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ عَنْ وَقْتِهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: التَّرْكُ لِوَقْتِهَا. حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: تَضْيِيعُ مِيقَاتِهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: تَرَكَ الْمَكْتُوبَةَ لِوَقْتِهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ زَحْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} الَّذِينَ يُضَيِّعُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهَا فَلَا يُصَلُّونَهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} فَهُمُ الْمُنَافِقُونَ كَانُوا يُرَاءُونَ النَّاسَ بِصَلَاتِهِمْ إِذَا حَضَرُوا، وَيَتْرُكُونَهَا إِذَا غَابُوا، وَيَمْنَعُونَهُمُ الْعَارِيَةَ بُغْضًا لَهُمْ، وَهُوَ الْمَاعُونُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ يَتْرُكُونَ الصَّلَاةَ فِي السِّرِّ، وَيُصَلُّونَ فِي الْعَلَانِيَةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: التَّرْكُ لَهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَتَهَاوَنُونَ بِهَا، وَيَتَغَافَلُونَ عَنْهَا وَيَلْهُونَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: لَاهُونَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: غَافِلُونَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: سَاهٍ عَنْهَا، لَا يُبَالِي صَلَّى أَمْ لَمْ يُصَلِّ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} يُصَلُّونَ، وَلَيْسَتِ الصَّلَاةُ مِنْ شَأْنِهِمْ. حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: يَتَهَاوَنُونَ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ بِقَوْلِهِ: {سَاهُونَ}: لَاهُونَ يَتَغَافَلُونَ عَنْهَا، وَفِي اللَّهْوِ عَنْهَا وَالتَّشَاغُلِ بِغَيْرِهَا، تَضْيِيعُهَا أَحْيَانًا، وَتَضْيِيعُ وَقْتِهَا أُخْرَى، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ تَرْكَ وَقْتِهَا، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ تَرَكَهَا لَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ فِي السَّهْوِ عَنْهَا الْمَعَانِيَ الَّتِي ذُكِرَتْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ خَبَرَانِ يُؤَيِّدَانِ صِحَّةُ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ: أَحَدُهُمَا: مَا حَدَّثَنِي بِهِ زَكَرِيَّا بْنُ أَبَانَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، قَالَ: ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، «عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: هُمُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا». وَالْآخَرُ مِنْهُمَا: مَا حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيَّبَانِ النَّحْوِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: ثَنِي رَجُلٌ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا نَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: اللَّهُ أَكْبَرُ هَذِهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ لَوْ أُعْطِيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا هُوَ الَّذِي إِنْ صَلَّى لَمْ يَرُجْ خَيْرَ صِلَاتِهِ، وَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ يَخَفْ رَبَّهُ "». حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدُ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَالَ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُ فِي الْخِبْرَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَمِلٌ عَنْ مَعْنَى السَّهْوِ عَنْ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} يَقُولُ: الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ النَّاسَ بِصَلَاتِهِمْ إِذَا صَلَّوْا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ رَغْبَةً فِي ثَوَابٍ، وَلَا رَهْبَةً مِنْ عِقَابٍ، وَإِنَّمَا يُصَلُّونَهَا لِيَرَاهُمُ الْمُؤْمِنُونَ فَيَظُنُّونَهُمْ مِنْهُمْ، فَيَكُفُّونَ عَنْ سَفْكِ دِمَائِهِمْ، وَسَبِّي ذَرَارِيهِمْ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ، كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَمُؤَمِّلٌ، قَالَا: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ: {يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: يُرَاءُونَ بِصَلَاتِهِمْ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ، كَانُوا يُرَاءُونَ النَّاسَ بِصَلَاتِهِمْ إِذَا حَضَرُوا، وَيَتْرُكُونَهَا إِذَا غَابُوا. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنِي ابْنُ زَيْدٍ: وَيُصَلُّونَ- وَلَيْسَ الصَّلَاةُ مِنْ شَأْنِهِمْ – رِيَاءً. وَقَوْلُهُ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} يَقُولُ: وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ مَنَافِعَ مَا عِنْدَهُمْ، وَأَصْلُ الْمَاعُونِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَنْفَعَتُهُ، يُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي يَنْـزِلُ مِنْ السَّحَابِ مَاعُونٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ: بِـأَجْوَدَ مِنْـهُ بِمَاعُونِـهِ *** إِذَا مَـا سَـماؤُهُمُ لَـمْ تَغِـمْ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ سَحَابًا: يَمُجُّ صَبَيرُهُ الْمَاعُونَ صَبًّا وَقَالَ عُبَيْدٌ الرَّاعِي: قَـوْمٌ عَـلى الْإِسْـلامِ لَمَّـا يَمْنَعُـوا *** مَـاعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُـوا التَّهْلِيـلَا يَعْنِي بِالْمَاعُونِ: الطَّاعَةُ وَالزَّكَاةُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عُنِيَ بِهِ مِنْ مَعَانِي الْمَاعُونِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رِضِِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {الْمَاعُونَ}: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {الْمَاعُونَ}: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ قَالَا: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {الْمَاعُونَ} قَالَ: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنْ عَلِيًّا رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ {الْمَاعُونَ}: الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} أَنْ عَلَيًّا رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: هِيَ الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْن عُمَرَ، قَالَ: {الْمَاعُونَ}: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ الْمَاعُونِ قَالَ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا يُؤَدَّى حَقُّهُ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ يَقُولُ: هُوَ الْمَتَاعُ الَّذِي يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ الْمَاعُونِ، فَقَالَ: هُوَ مَنْعُ الْحَقِّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الْمَاعُونِ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ حَقَّ مَالِهِ وَيَمْنَعُهُ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: هُوَ الْقِدْرُ وَالدَّلْوُ وَالْفَأْسُ، قَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكُمْ. حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَصَمُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الَّذِي يُسْأَلُ مَالُ اللَّهِ فَيَمْنَعُهُ، فَقَالَ الَّذِي سَأَلَهُ، فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: هُوَ الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الْمَاعُونِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: ثَنَا بَقيةُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: ثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُغِيرَةِ: رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنِ الْمَاعُونِ، قَالَ: هُوَ مَنْعُ الْحَقِّ، قُلْتُ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: هُوَ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالدَّلْو قَالَ: هُوَ مَنْعُ الْحَقِّ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: هِيَ الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا جَابِرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ مُخَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: {الْمَاعُونَ}: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنُ: الْمَاعُونُ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ رِضِيَ اللَّهِ عَنْهُ قَالَ: هِيَ الزَّكَاةُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الزَّكَاةُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ يَمْنَعُونَ زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: {الْمَاعُونَ}: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقَبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: مَنَعُوا صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ، فَعَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: هُوَ الْمُنَافِقُ الَّذِي يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ، فَإِنْ صَلَّى رَاءَى، وَإِنْ فَاتَتْهُ لَمْ يَأْسَ عَلَيْهَا. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: هِيَ الزَّكَاةُ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ مِنْ مِثْلَ: الدَّلْوُ وَالْقِدْرُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ الْحَكَمِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْمَاعُونِ؟ قَالَ: هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ الْجَزَّارِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَعْرِفُ لَهُ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ عَنِ الْمَاعُونِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ مِنْ الْمَاعُونِ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالدَّلْوِ، خَصْلَتَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ؛ قَالَ شُعْبَةُ: الْفَأْسُ لَيْسَ فِيهِ شَكٌّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، أَنَّ أَبَا الْعُبَيْدَيْنِ: رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، سَأَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ الْمَاعُونِ، فَقَالَ: هُوَ مَنْعُ الْفَأْسِ وَالدَّلْوِ، أَوْ قَالَ: مَنْعُ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، أَنَّ أَبَا الْعُبَيْدَيْنِ سَأَلَ ابْنُ مَسْعُودَ، عَنِ الْمَاعُونِ، قَالَ: هُوَ مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ نُحَدِّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ: الْقِدْرُ وَالْفَأْسُ وَالدَّلْوُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو الْجَوَّابِ، وَخَالَفَهُ زُهَيْرُ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِيمَا: حَدَّثَنَا بِهِ الْحَسَنُ الْأَشْيَبُ، قَالَ: ثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ وَسَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ: الدَّلْوُ وَالْفَأْسُ وَالْقِدْرُ، لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُنَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْن أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ- قَالَ أَبُو مُوسَى: هَكَذَ قَالَ غُنْدُرُ- عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: إِنَّ مِنَ الْمَاعُونِ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ وَالْقِدْرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلَهُ. قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عِيَاضٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضِر، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مَضرِّبِ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْمَاعُونُ: الْقِدْرُ وَالْفَأْسُ وَالدَّلْوُ. حَدَّثَنَا خَلَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، وَكَانَتْ بِهِ زَمَانَةٌ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْرِفُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا الْمَاعُونُ؟ قَالَ: مَا يَتَعَاطَى النَّاسُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالدَّلْوِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ الْمَاعُونِ، فَقَالَ: مَا يَتَعَاطَاهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنِ الْحَسَنِ وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ وَالْقَدَرُ وَأَشْبَاهُهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْعُبَيْدَيْنِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} فَذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوِيدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: {الْمَاعُونَ} مَنْعُ الْفَأْسِ وَالْقِدْرِ وَالدَّلْوِ. حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَاعُونِ، قَالَ: مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ وَشُبَهُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الدَّلْوُ وَالْفَأْسُ وَالْقِدْرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: الْمَاعُونُ: الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ. حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْمَاعُونِ، قَالَ: مَا يَتَعَاوَرُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ وَشَبْهُهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ عَارِيَةَ النَّاسِ: الْفَأْسُ وَالْقِدْرُ وَالدَّلْوُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، يَعْنِي الْمَاعُونَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلَهُ. قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، قَالَ: الْفَأْسُ وَالدَّلْوُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الْأَسْدِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {الْمَاعُونَ}: الْعَارِيَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُوَ الْعَارِيَةُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {الْمَاعُونَ} قَالَ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ-" شَكَّ أَبُو كَرَيْب "- {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الْمَتَاعُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يَمْنَعُونَهُمْ الْعَارِيَةُ، وَهُوَ الْمَاعُونُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ الطَّاعَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَمْنَعُونَ الْعَارِيَةَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: لَمْ يَجِئْ أَهْلُهَا بَعْدُ. حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمَاعُونَ} مَا يَتَعَاطَى النَّاسُ بَيْنَهُمْ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {الْمَاعُونَ}: مَنْعُ الزَّكَاةِ وَالْفَأْسِ وَالدَّلْوِ وَالْقِدْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْمَاعُونُ: الْعَارِيَةُ. حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا عَبْثَرٌ، قَالَ: ثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ: الدَّلْوُ وَالْقِدْرُ وَالْفَأْسُ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقُولُ: الْمَاعُونُ: مَنْعُ الدَّلْوُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَاعُونُ: الْمَعْرُوفُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِفَاعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ يَقُولُ: الْمَاعُونُ: الْمَعْرُوفُ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَاعُونُ: هُوَ الْمَالُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: الْمَاعُونُ، بِلِسَانِ قُرَيْشٍ: الْمَالُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: الْمَاعُونُ: بِلِسَانِ قُرَيْشٍ: الْمَالُ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِالصَّوَابِ، إِذْ كَانَ الْمَاعُونُ هُوَ مَا وَصَفْنَا قَبْلُ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ النَّاسَ، خَبَرًا عَامًّا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ النَّاسَ مَا يَتَعَاورُونَهُ بَيْنَهُمْ، وَيَمْنَعُونَ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ أَرَأَيْتَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} يَا مُحَمَّدُ {الْكَوْثَرَ} وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ: " الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ". حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: " نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ الذَّهَبُ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَأَشَدُّ حَلَاوَةً مِنَ الْعَسَلِ، وَتُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ". حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، يَجْرِي عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ". حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ القُمِّيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَقِيقٍ أَوْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُلِ عَائِشَة: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا بُطْنَان الْجَنَّةِ؟ قَالَتْ: " وَسَطُ الْجَنَّةِ: حَافَّتَاهُ قُصُورُ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَحَصْبَاؤُهُ اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ ". حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ وَشَبَابَةَ، قَالَا: ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازَّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَائِشَة قالَتْ: الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ لَيْسَ أَحَدٌ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلَّا سَمِعَ خَرِيرَ ذَلِكَ النَّهَرِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ؛ وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو نَعِيمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَة قالَتْ: الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، دَرٌّ مُجَوَّفٌ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَة: "الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ مِنْ الْآنِيَةِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ ". قَالَ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَائِشَة قالَتْ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ الْكَوْثَرِ، فَلْيَجْعَلْ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَة، قَالَتْ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، شَاطِئَاهُ الدَّرُّ الْمُجَوَّفِ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي مُعَاذٍ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَة قالَتْ: " الْكَوْثَر: نَهَرٌ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ وَسْطُ الْجَنَّةِ، فِيهِ نَهَرٌ شَاطِئَاهُ دَرٌّ مُجَوَّفٌ، فِيهِ مِنْ الْآنِيَةِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِثْلَ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ". حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: نَهَرٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: ثَنَا مسعدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: "الْكَوْثَرُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، تُرَابُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ، وَمَاؤُهُ الْخَمْرُ ". حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ شَرِيكٍ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا، قَالَ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَضَى بِهِ جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ، عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ، فَذَهَبً يَشَمُّ تُرَابَهُ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ، فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا النَّهَرُ؟ " قَالَ: هُوَ الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَّأَ لَكَ رَبُّك». وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِالْكَوْثَرِ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنِي هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْكَوْثَرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ، فَقَلْتُ لِسَعِيدٍ: إِنَّا كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةََ، قَالَ: هُوَ النُّبُوَّةُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا حَرمِي بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةََ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَالْقُرْآنُ وَالْحِكْمَةُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةََ أَنَّهُ قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِلَالٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: أَكْثَرَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ، قُلْتُ: نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَهَرٌ وَغَيْرُهُ. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: الْكَوْثَرُ: قَالَ: الْخَيْرُ كُلُّهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي الْكَوْثَرِ، قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ فِي الْكَوْثَر: قَالَ: مَا أُعْطِيَ النَّبِّيُّ مِنْ الْخَيْرِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْقُرْآنِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ بَدْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، قَوْلَهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ؛ النُّبُوَّةَ وَالْإِسْلَامَ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ حَوْضٌ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: حَوْضٌ فِي الْجَنَّةِ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو نَعِيمٍ، قَالَ: ثَنَا مَطَرٌ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً وَنَحْنُ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَنْ قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: حَوْضٌ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي، قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ اسْمُ النَّهَرِ الَّذِي أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْكَثْرَةِ؛ لِعِظَمِ قَدْرِهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ؛ لِتَتَابِعِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ، «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، أَوْ كَمَا قَالَ، عَرَضَ لَهُ نَهَرٌ حَافَّتَاهُ الْيَاقُوتُ الْمُجَوَّفُ، أَوْ قَالَ: الْمُجَوَّبُ، فَضَرَبَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعَهُ بِيَدِهِ فِيهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْمَلَكِ الَّذِي مَعَهُ: "مَا هَذَا؟ " قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ؛ قَالَ: وَرُفِعَتْ لَهُ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَأَبْصَرَ عِنْدَهَا أَثَرًا عَظِيمًا "» أَوْ كَمَا قَالَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ؛ إِذْ عَرَضَ لِيَ نَهَرٌ، حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ إِيَّاهُ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى أَرْضِهِ، فَأَخْرَجَ مِنْ طِينِهِ الْمِسْك». حَدَّثَنِي ابْنُ عَوْفٍ، قَالَ: ثَنَا آدَمُ، قَالَ: ثَنَا شَيَّبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفُ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَأَهْوَى الْمَلَكُ بِيَدِهِ، فَاسْتَخْرَجَ طِينَهُ مِسْكًا أَذْفَر». حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيهِ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ؛ قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّه». حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْعَبَّاسُ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْعِدَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَوْثَرِ، فَقَالَ: "هُوَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ، تُرَابُهُ مِسْكٌ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَل، تَرِدُهُ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا مِثْلُ أَعْنَاقِ الْجُزُر" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ؟ قَالَ: " آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا "». حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ اللِّيثِيُّ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «" دَخَلْتُ الْجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِيَ، فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فَإِذَا هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، عُضَادَتاهُ بُيُوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤ». حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ بْنِ شِهَابٍ، «عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْكَوْثَرُ؟ قَالَ: "نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ، لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُر" قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ، قَالَ: " آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا "». حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، أَنَّ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُر" فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: " آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا "». فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ: قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ؛ وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَوْثَرِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، مَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْج». حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْكَوْثَرِ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَلْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا نَـزَلَتْ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوت». حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "«الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّة" قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَأَيْتُ نَهَرًا حَافَّتَاهُ اللُّؤْلُؤُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّه». حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حِزَامُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، «عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمًا، فَلَمْ يَجِدْهُ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَتْ: خَرَجَ بِأَبِي أَنْتَ آنِفًا عَامِدًا نَحْوَكَ، فَأَظُنُّهُ أَخْطَأَكَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ بَنِي النَّجَّارِ، أَوَلَا تَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَدَخَلَ، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ حَيْسًا، فَأَكَلَ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَنِيئًا لَكَ وَمَرِيئًا، لَقَدْ جِئْتَ وَإِنِّي لِأُرِيدَ أَنْ آتِيَكَ فَأُهَنِّيكَ وَأَمْرِيّكَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَارَةَ أَنَّك أُعْطِيتَ نَهَرًا فِي الْجَنَّةِ يُدْعَى الْكَوْثَرُ، فَقَالَ: " أَجَلْ، وَعَرْضُهُ- يَعْنِي أَرْضَهُ- يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وَزَبَرْجَدٌ وَلُؤْلُؤٌ "». وَقَوْلُهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهَذَا الْخِطَابِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَانْحَرْ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَضَّهُ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَعَلَى الْحِفْظِ عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتِهَا بِقَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ الطَّفَاوِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: ثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَهِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَهِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، «عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى وَسَطِ سَاعِدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ وَضْعُهُمَا عَلَى صَدْرِه». قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَهِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضَعَ الْيَمِينُ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، يُقَالُ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي القَمُوصِ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ ظَبْيَانَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: وَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى وَسْطِ سَاعِدِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ وَضَعَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِقَوْلِهِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، وَبِقَوْلِهِ {وَانْحَرْ} أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إِلَى النَّحْرِ عِنْدَ افْتِتَاح الصَّلَاةِ وَالدُّخُولِ فِيهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} الصَّلَاةُ، وَانْحَرْ: بِرَفْعِ يَدَيْهِ أَوَّلُ مَا يُكَبِّرُ فِي الِافْتِتَاحِ. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} الْمَكْتُوبَةُ، وَبِقَوْلِهِ {وَانْحَرْ}: نَحْرُ الْبُدْنِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ وَهَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، وَنَحْرُ الْبُدْنِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَحَجَّاجٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: صَلَاةُ الْغَدَاةِ بِجَمْعٍ، وَنَحْرُ الْبُدْنِ بِمِنَى. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ قُطْرَ، عَنْ عَطَاءٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَانْحَرْ الْبُدْنَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، وَالنَّحْرُ: النُّسُكُ وَالذَّبْحُ يَوْمَ الْأَضْحَى. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: صَلَاةُ الْفَجْرَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: صَلِّ يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَانْحَرْ نُسُكَكَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ جَابِرٍ، «عَنْ أَنَسٍ بْن مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَأَمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَر». حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ: فَصَلِّ الصَّلَاةَ، وَانْحَرْ النُّسُكَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَابِتِ بْن أَبِي صَفِيَّةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} قَالَ: الصَّلَاةُ؛ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الصَّلَاةُ وَنَحْرُ النُّسُكِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَانْحَرْ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثَنَا قُطْرٌ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً، عَنْ قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: تُصَلِّي وَتَنْحَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: اذْبَحْ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا أَبَانُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: الذَّبْحُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: نَحْرُ الْبُدْنِ، وَالصَّلَاةُ يَوْمَ النَّحْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: صَلَاةُ الْأَضْحَى، وَالنَّحْرُ: نَحْرُ الْبُدْنِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: مَنَاحِرُ الْبُدْنِ بِمِنَى. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: نَحْرُ النُّسُكِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يَقُولُ: اذْبَحْ يَوْمَ النَّحْرِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: نَحْرُ الْبُدْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ: قِيلَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ قَوْمًا كَانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيَنْحَرُونَ لِغَيْرِهِ فَقِيلَ لَهُ: اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَنَحْرَكَ لِلَّهِ؛ إِذْ كَانَ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ يَجْعَلُهُ لِغَيْرِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يَقُولُ: إِنْ نَاسًا كَانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيَنْحَرُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِذَا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ يَا مُحَمَّدُ، فَلَا تَكُنْ صَلَاتُكَ وَنَحْرُكَ إِلَّا لِي. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أُنْـزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ، حِينَ حُصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَصُدُّوا عَنْ الْبَيْتِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَيَنْحَرَ الْبُدْنَ، وَيَنْصَرِفَ، فَفَعَلَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، قَالَ: ثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ الْبَجْلِيُّ، «عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، يَعْنِي قَوْلَهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: انْحَرْ وَارْجِعْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ خُطْبَةَ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْبُدْنِ فَنَحَرَهَا، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}». وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: فَصَلِّ وَادْعُ رَبَّكَ وَسَلْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قَالَ: صَلِّ لِرَبِّك وَسُلّ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: {وَانْحَرْ} وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِكَ. وَذُكِرَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: مَنَازِلُهُمْ تَتَنَاحَرُ؛ أَيْ: هَذَا بِنَحْرِ هَذَا؛ أَيْ: قُبَالَتِهِ. وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ بَنِي أَسَدٍ أَنْشَدَهُ: أَبَـا حَـكَمٍ هَـلْ أنْـتَ عَـمُّ مُجَـالِدٍ *** وَسَـيِّدُ أهْـلِ الأبْطَـحِ المُتَنَـاحِرِ أَيْ: يَنْحَرُ بَعْضَهُ بَعْضًا. وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَاجْعَلْ صَلَاتَكَ كُلَّهَا لِرَبِّكَ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَكَذَلِكَ نَحْرُكَ اجْعَلْهُ لَهُ دُونَ الْأَوْثَانِ، شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ الَّذِي لَا كُفْءَ لَهُ، وَخَصَّكَ بِهِ، مِنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاكَ الْكَوْثَرُ. وَإِنَّمَا قُلْتُ: ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنْ عَطِيَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ، وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ بِالْكَوْثَرِ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالصَّلَاةِ لَهُ، وَالنَّحْرِ عَلَى الشُّكْرِ لَهُ، عَلَى مَا أَعْلَمَهُ مِنْ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ، بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ الْكَوْثَرُ، فَلَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، وَبَعْضِ النَّحْرِ دُونَ بَعْضِ وَجْهٍ، إِذْ كَانَ حَثًّا عَلَى الشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَنْ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ الْكَوْثَرَ، إِنْعَامًا مِنَّا عَلَيْكَ بِهِ، وَتَكْرُمَةً مِنَّا لَكَ، فَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ الْعِبَادَةَ، وَأَفْرِدْ لَهُ صَلَاتَكَ وَنُسُكَكَ، خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ كُفْرٍ بِهِ، وَعَبْدِ غَيْرِهِ، وَنَحْرٍ لِلْأَوْثَانِ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ} إِنَّ مُبْغِضَكَ يَا مُحَمَّدُ وَعَدُوَّكَ {هُوَ الْأَبْتَرُ} يَعْنِي بِالْأَبْتَرِ: الْأَقَلُّ وَالْأَذَلُّ الْمُنْقَطِعُ دَابِرُهُ، الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّ بِذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} يَقُولُ: عَدُوُّكَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: هُوَ الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: هُوَ الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِلَالٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: عَدُوُّكَ الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ انْبَتَرَ مِنْ قَوْمِهِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ، قَالَ: أَنَا شَانِئٌ مُحَمَّدًا، وَمَنْ شَنَأَهُ النَّاسُ فَهُوَ الْأَبْتَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: هُوَ الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ، قَالَ: أَنَا شَانِئٌ مُحَمَّدًا، وَهُوَ أَبْتَرٌ، لَيْسَ لَهُ عَقِبٌ، قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ قَتَادَةُ: الْأَبْتَرُ: الْحَقِيرُ الدَّقِيقُ الذَّلِيلُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} هَذَا الْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ، بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: أَنَا شَانِئُ مُحَمَّدًا. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: الرَّجُلُ يَقُولُ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أَبْتَرٌ، لَيْسَ لَهُ كَمَا تَرَوْنَ عَقِبٌ، قَالَ اللَّهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مَعَيْطٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ القُمِّيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ شَمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مَعَيْطٍ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَبْقَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدٌ، وَهُوَ أَبْتَرُ، فَأَنْـزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ: {إِنَّ شَانِئَكَ} عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مَعَيْطٍ {هُوَ الْأَبْتَرُ}. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةََ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} قَالَ: نَـزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، أَتَى مَكَّةَ فَقَالَ لَهَا أَهْلُهَا: نَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنْبُورُ الْمُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ، وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَجِيجِ، وَعِنْدَنَا مَنْحَرُ الْبُدْنِ، قَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ. فَأَنْـزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَنْـزَلَ فِي الَّذِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالُوا: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةََ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. قَالَ: لَمَّا أُوحِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: بُتِرَ مُحَمَّدٌ مِنَّا، فَنَـزَلَتْ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: الَّذِي رَمَاكَ بِالْبَتْرِ هُوَ الْأَبْتَرُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةََ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايَةِ وَالسِّدَانَةِ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنْبُورُ الْمُنْبَتِرُ مَنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَـزَلَتْ عَلَيْهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} قَالَ: وَأُنْـزِلَتْ عَلَيْهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ}... إِلَى قَوْلِهِ {نَصِيرًا}. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ مُبْغِضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأَقَلُّ الْأَذَلُّ، الْمُنْقَطِعُ عَقِبَهُ، فَذَلِكَ صِفَةُ كُلُّ مَنْ أَبْغُضُهُ مِنْ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ نَـزَلَتْ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَوْثَرِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ مَنْ قَوْمِهِ فِيمَا ذَكَرَ عَرَضُوا عَلَيْهِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ سَنَةً، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلِهَتَهُمْ سَنَةً، فَأَنْـزَلَ اللَّهُ مُعَرِّفَهُ جَوَابَهُمْ فِي ذَلِكَ: (قُلْ) يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَأَلُوكَ عِبَادَةَ آلِهَتِهِمْ سَنَةً، عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا إِلَهَكَ سَنَةً {يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} بِاللَّهِ {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} مِنْ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ الْآنَ {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} الْآنَ {وَلَا أَنَا عَابِدٌ} فِيمَا أَسْتَقْبِلُ. {مَا عَبَدْتُمْ} فِيمَا مَضَى {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ} فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَ أَبَدًا {مَا أَعْبُدُ} أَنَا الْآنَ، وَفِيمَا أَسْتَقْبِلُ. وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مِنْ اللَّهِ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُؤَمِّنُونَ أَبَدًا، وَسَبَقَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي السَّابِقِ مِنْ عِلْمِهِ، فَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤْيسَهُمْ مِنَ الَّذِي طَمِعُوا فِيهِ، وَحَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ غَيْرَ كَائِنٍ مِنْهُ وَلَا مِنْهُمْ، فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَآيِسَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الطَّمَعِ فِي إِيمَانِهِمْ، وَمِنْ أَنْ يُفْلِحُوا أَبَدًا، فَكَانُوا كَذَلِكَ لَمْ يُفْلِحُوا وَلَمْ يَنْجَحُوا، إِلَى أَنْ قَتَلَ بَعْضَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ بِالسَّيْفِ، وَهَلَكَ بَعْضٌ قَبْلَ ذَلِكَ كَافِرًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَجَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو خَلَفٍ، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةََ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ قُرَيْشًا وَعَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطُوهُ مَالًا فَيَكُونُ أَغْنَى رَجُلٍ بِمَكَّةَ، وَيُزَوِّجُوهُ مَا أَرَادَ مِنَ النِّسَاءِ، وَيَطَئُوا عَقِبَهُ، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا لَكَ عِنْدَنَا يَا مُحَمَّدَ، وَكَفِّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا، فَلَا تَذْكُرْهَا بِسُوءٍ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَإِنَّا نَعْرِضُ عَلَيْكَ خَصْلَةً وَاحِدَةً، فَهِيَ لَكَ وَلَنَا فِيهَا صَلَاحٌ. قَالَ: "مَا هِيَ؟ " قَالُوا: تَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً: اللَّاتُ وَالْعُزَّى، وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً، قَالَ: "حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَأْتِي مِنْ عِنْدِ رَبِّي" فَجَاءَ الْوَحْيُ مِنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} السُّورَةُ، وَأَنْـزَلَ اللَّهُ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}... إِلَى قَوْلِهِ: {فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}». حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنِي سَعِيدُ بْنُ مِينَا مَوْلَى الْبَخْتَرِيُّ قَالَ: «لَقِيَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصُّ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْودُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وَتَعْبُدْ مَا نَعْبُدُ، وَنُشْرِكُكَ فِي أَمْرِنَا كُلِّهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي جِئْت بِهِ خَيْرًا مِمَّا بِأَيْدِينَا، كُنَّا قَدْ شَرِكْناكَ فِيهِ، وَأَخَذْنَا بِحَظِّنَا مِنْهُ؛ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بِأَيْدِينَا خَيَّرَا مِمَّا فِي يَدِيكَ، كُنْتَ قَدْ شَرِكْتَنَا فِي أَمْرِنَا، وَأَخَذْتَ مِنْهُ بِحَظِّكَ، فَأَنْـزَلَ اللَّهُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}» حَتَّى انْقَضَتْ السُّورَةُ. وَقَوْلُهُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَكُمْ دِينُكُمْ فَلَا تَتْرُكُونَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَتَمَ عَلَيْكُمْ، وَقُضِيَ أَنْ لَا تَنْفَكُّوا عَنْهُ، وَأَنَّكُمْ تَمُوتُونَ عَلَيْهِ، وَلِيَ دِينِي الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، لَا أَتْرُكُهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى فِي سَابِقِ عَلْمِ اللَّهِ أَنِّي لَا أَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} قَالَ: لِلْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ: وَالْيَهُودُ لَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُونَ، إِلَّا أَنَّهُمْ يَكْفُرُونَ بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ، وَبِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَيَكْفُرُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَقَتَلُوا طَوَائِفَ الْأَنْبِيَاءِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، قَالَ: إِلَّا الْعِصَابَةُ الَّتِي بَقُوا، حَتَّى خَرَجَ بُخْتَنْصَرُ، فَقَالُوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، دَعَا اللَّهَ وَلَمْ يَعْبُدُوهُ وَلَمْ يَفْعَلُوا كَمَا فَعَلَتِ النَّصَارَى، قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَعَبَدُوهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: كَرَّرَ قَوْلَهُ: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} وَمَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوْكِيدِ، كَمَا قَالَ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، وَكَقَوْلِهِ: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَافِرُونَ
|